الرومانسيه في الإسلام

يعتقد البعض انه لا يوجد مفهوما اسلاميا للرومانسيه والمحبه في الاسلام ونقصد بذلك تلك المشاعر الفطرية بين الرجل والمراه والتي خلقها الله تبارك وتعالي في جوف كل إنسان وقد ساد هذا الاعتقاد نتيجة عدم فهم الإسلام فهما صحيحا أو نتيجة أننا اعتمدنا علي المفاهيم المستقاة من الثقافات الغربية كمفاهيم موحدة حتي فيما يتعلق بآليات تفريغ المشاعر الانسانيه- فربما يكون الإسلام ضد المشاعر التي تؤدي ألي الانحلال الأخلاقي و التفكك الاجتماعي - ضد الحب الشبقي الذي عبر عنه فرويد انه الغاية المثلي لتحقيق الصحة النفسية بالإشباع الجنسي (1)
ضد الحب الذي يصاغ في شكل وثيقة زواج عرفي ثم تحرق أو تمزق وتتمزق معها حقوق الزوجة وصلتها بأبويها وقد يدفع الفتاه دفعا ألي مستنقع الانحلال والرذيله
يقول الله تبارك وتعالي ( ليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولكنالبر من اتقي وأتواالبيوت من أبوابها(2)
فالأصل في الحب انه حب الله ورسوله وهو اسمي أنواع الحب ودلاله هذا الحب هي طاعة الله ورسوله و يقول الله تبارك وتعالي (وَمِنَ النَّاسِمَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ)البقره 165
فحب الله ورسوله يجب أن يملئ القلب والجوارح (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(3)
ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب أليهمن نفسه وماله وولده - فحب الله ورسوله يجب ان يكون في المرتبه الاولي وان يتقدم علي محبه الرجل لامرأته وبنيه وحتى علي محبه لام لطفلها
وبدون المحبة ألا لهيه لا تتحقق المودة و الرحمه بين الناس فترتبط العلاقات الانسانيه بالمصالح المادية و النفعية ويقوي في النفس الحب الشهوي
و بذلك لا يتميز الانسان عن الحيوانات في شيء (4)
فمن يحب الله يحب عباد الله فيه دون مصلحه دنيويه –وكمنحن في حاجه الي مثل هذه القيم في مجتمع سادت فيه الماديات علي المعاني الروحيه التي جاء الاسلام لترسيخها--- حتى في الكتب السماوية التي سبقت الإسلام نجد الاشاره الي وجوب الحب الإلهي كأصل من أصول الدين فنجد أن الله يوصي موسي قائلا ( تحب الرب ألهك من كل قلبك ومن كل نفسك لتحي )(5)
وعندما جاء رجلا ليسال المسيح ماذااعمل لارث الحياة الأبديه فاجاب المسيح بنفس الوصية تحب الرب ألهك من كل قلبك ومن كل نفسك (6)
وقد ورد أن نبي الله شعيبا كان يبكي من حب الله حتى عميت عيناه- وقد يصل الإنسان ألي قمة الرومانسية الربانية بان يعشق الذات الأهيه فلايتبقى في قلبه ونفسه حبا لآي كائن من دونه وهي مرتبه لا يصل إليها ألا الأنبياء والأولياء والصالحين – ولنقراما قالته شهيدة العشق الإلهي رابعه العدويه في رومانسيتها الربانية
احبك حبين حب الهوي وحب لانك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الهوي فشغلي بذكرك عمن سواكا
(7)
ولكن ليس معني هذاانه الإسلام يتجاهل تلك المشاعر النقية بين الرجل و المراه فهي فطره انسانيه لا تستقيم الحياه بدونها بل علي العكس من ذلك
فمنذ بدء الخليقة وعلاقة الرجل والمراه قائمه علي المودة و الرحمه يقول اللهتبارك وتعالي(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (8)
وورد ا ن آدم عليه السلام عندما كان في الجنه شعر بالوحشة فاستيقظ يوما ليجد حواء وقد خلقت من ضلعه فسألها من أنت قالت آمراه قال ولم خلقت قالت لتسكن ألي (9)
ومن المعروف أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يحب آم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و أرضاها وأنها كانت تغار عليه بشده حتى أن عمرو ابن العاص سأله يوما من احب الناس إليك فقال صلي الله عليه وسلم دون تردد عائشة----
وقد كان حب الزوجة الصالحة من سنن الأنبياء عليهم السلام فإبراهيم عليه السلام كان يحب زوجته سارة اشد الحب لدينها وقرابتها منه وجمالها الباهر(10)
ويعقوب عليه السلاماضطر لرعي غنم خاله لابان لمده أربعه عشر عاما كمهر لزوجته راحيل التي كان يحبها كثيرا (11)
إذن فعاطفة الحب بين الرجل والمراه ليست شيئا دخيلا علي السلام ولكن بالضوابط التي تحفظ للمراه كرامتها وعزتها وحقوقها الشرعية فيجب أن تكون في الإطار الشرعي الذي سنه الله تبارك وتعالي للبشريه جمعاء وهو الزواج الشرعي وللآسف الشديد فان كثيرا من شباب اليوم يعتقد أن الزيجات التي تقع داخل إطار الأسر أو مايعرف( بزواج الصالونات) والذي يتم غالبا دون أن يسبقه علاقة بين الشاب والفتاه تفتقد آلي الرومانسية التي هي بالنسبة لهؤلاء الشباب نظره فابتسامه فموعد فلقاء وما خفي كان اعظم- وكثيرا ما نجد علاقات تتم داخل إطار الجامعة تبدا بالنظرة وتنتهي بكوارث اجتماعيه تحت دعوة الحب والرومانسية
والإسلام عندما حدد علاقة الرجل بالمراه في إطار الزواج لم يكن ذلك تضيقا علي حرية الإنسان ولكن لصلاح دنياه وآخرته فما اكثر العلاقات التي تتم قبل الزواج وتنتهي بفشل ذريع مسببه آلما نفسيا وجراحا غائرة قد تمتد ألي ما بعد زواج الطرفين وكم من زيجات فشلت بسبب علاقات ما قبل الزواج وذلك لان هذه العلاقات قد أدت ألي عمليه تفريغ للمشاعر والتي لم يتبقى منها إلا القليل للزوج أو الزوجة ناهيك عنالمقارنة بين الحياة الزوجية وما تفرضه من تبعات ومسئوليات وبين ذكريات اللهو واللعب وقصص الحب الخيالية والتي يشعر الزوج أو الزوجة بالحنين إليها مع أول عقبه من عقبات الزوجية وما أكثرها مما يجعل حياه الأزواج في بعض الأحيان جحيما- حتى قصص الحب التي تنتهي بالزواج علي ندرتها نجد أن الحب يفتر أحيانا مع ضغوط الحياة وصياح الأطفال-- والسبب في ذلك أن الحب كالنهر الجارف إذا نضبت منابعه قل جريانه ومنبع الحب هو الله تبارك وتعالي وقلوب العباد بيده يقلبها كيف يشاء