بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة أشعر بـإحباط وتروادني الرغبة في ترك عملي -مع أنه من أعمال الخير- مرات ومرات أشعر بنشاط منقطع النظير فأعمل جاهدا على الاستمرار لكن ذلك لا يدوم طويلاً ليعود اليأس يتملكني من جديد! فهل لديك حل؟
كان هذا السؤال كثيراً ما يتكرر علي وخاصة في أوساط الشباب من الجنسين وخاصة من العاملين في الأعمال الدعوية والمشاريع الخيرية.
وهذه المشاعر التي تعترض هؤلاء الشباب شعور طبيعي – بلا شك -يشعر بهكل الناس وبخاصة من يعمل عملا صالحاً وإن كان لخاصة نفسه ،فكيف بمن يعمل في الإصلاح ونشر الخير بين الناس وقد شكى بعض التابعين إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن الشيطانيوسوس لنا في صلاتنا حتىيتعبنا وهو لا يوسوس لليهود في صلاتهمفتراهم خاشعين فيها. فقال ابن عباس :وما يفعل السارق في البيت الخرب؟
لذلك ينبغي في مثل هذه الأحوال أننتذكر مهمتنا الحقيقية في الحياةودورنا فيها وكلما ازداد فهمنا لدورنا وأهمية ما نقوم به زاد حرصنا على المحافظة على مكتسباتنا وإن قلت .
وقد تعودت أن أسأل أي شخص يعاني من مشكلة ما سؤالاً مهما ومصيريا وهو: لماذا تحيا ؟
ومن خلال الإجابة على مثل هذا السؤال يستطيع أن يحدد الإنسان موقفه ويراجع نفسه ليكمل مسيرته أو يصححها أو يغير اتجاهه.
وثق تماماً أن أعرف الناس بك هو أنت نفسك (بل الإنسان على نفسه بصيرة) فكل إنسان أعرف بطاقاته وحدوده.
فإذا عرفت نفسك وإمكاناتك وقدرتكعلى تقديم النفع ولتكن عنايتك بنفع نفسك أولاً حينما تسعى بها في الخيرات ، ثم تتوجه إلى نفع من حولك أدناك فأدناك ، في دائرة تتسع بحسب إمكاناتك المعرفية والنفسية والزمنية لتزيد شيئاً فشيئاً ،إذ كلما أتقنت أمراً زدت عليه آخر وكلما استطعت نفع آخرين أضفت إليهم غيرهم وهكذا دواليك والخير أفضله ما كان قليلاً ثم زاد،لأنذلك أثبت لأصله وأنمى لفروعه وأطيب لثماره.
وطبيعي أن أي إنسان يهتم بشأن الآخرين ويسعى لمصلحتهم ولا يجد منهم دعماً يذكر فإنه ستعتوره مشاعر الإحباط واليأس ويسأل نفسهمرة بعد أخرى لماذا أخدم مثل هؤلاء؟
قرأت قصة ذات مرة أن رجالاً كانوا ينتظرون الغداء ونادوا المرأة التي تعودوا أن تطبخ لهم فلما أحضرت الغداء تفاجئوا بأنها قدمت لهم تبناً على غدائهمفصاحوا فيها جميعاً واستغربوا صنيعها فقالت لهم:كل يوم أقدم لكم طعاماً شهياً ولا أحد يعلق عليه بكلمة إطراء واحدة فلماذا الآن كلكم تستنكرون ما فعلت ؟
لاشك أنها أعطتهم درساً بليغاً في حاجة كلمن يقدم لنا خدمات مهما كانت صغيرة أن يسمع كلمة شكر وإطراء أو على الأقل شيئاً يوحيبالاهتمام والانتباه له، وهذه حاجة فطرية لدى الناس جميعاً.
ومع ذلك فإن المؤمن الواثق بربه يتنازل عن هذه الحاجة وغيرها كثير رجاءما عند الله عز و جل (والله خير وأبقى).
وعوارض اليأس والإحباط التي تعتاد المسلم العامل في خدمة الآخرين لاشك أنها من الشيطان لأن أعظم مهام الشيطان أن يصرف الإنسان عن عمل الخير.
يقول الله عزوجل (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)البقرة : 268
فما ظنك بوعد اللهعزوجل؟
و كل ما يعانيه المرء هو اختبار وتمحيص(أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)العنكبوت : 2
ومنه ما يكون تكفيراً وتطهيراً له كما في حديث النبي صلى الله عليهوسلم(ما يصيب المؤمن من هم ولا غم..)
-دور الشيطان في حياتنا:
وللشيطان جولات وصولات على قلب ابن آدم يسعى فيها لتعطيله عن الخير ويشل سعيه عن السعي في زيادة الدرجات ،وما أكثر ما يأتيه من جانب التشكيك في اليقين مرة ومن جانب التحزين(الاكتئاب والقنوط) مرة ومنجانب التخويف من الفقر مرة ومن جانب تهويل الأمر وتصعيب السهل مرات .